الاعتقالات في الضفّة الغربيّة... الثقافة والمثقّف المقموع | آراء

من تظاهرة في الضفّة الغربيّة، 02 آب (أغسطس) 2021 | أ ف ب

 

بصفة «مجهول»

من الصعب الإشارة إلى تاريخ الرابع والعشرين من حزيران (يونيو) المنصرم، أي تاريخ اغتيال الناشط الفلسطينيّ نزار بنات من قِبَل أجهزة أمن السلطة الفلسطينيّة، على أنّه تاريخ مؤسِّس لمرحلة جديدة من سياسات القمع الّتي تمارسها السلطة الفلسطينيّة، بوصفها النظام السياسيّ الفلسطينيّ، في التعامل مع المعارضة السياسيّة في الضفّة الغربيّة ومن قبل في قطاع غزّة. بل الأقرب إلى الواقع، أنّ اغتيال نزار بنات وما تبعه ويتبعه حتّى اللحظة؛ من اعتقالات وقمع لكلّ معارض أو ناقد لسياسات السلطة، يشكّل فصلًا آخر من فصول أزمة النظام السياسيّ الفلسطينيّ عندما يتعلّق الأمر بسؤال الحرّيّات، العامّ منها والفرديّ، ومع سؤال الثقافة والمثقّف وموقعهما من الفعل السياسيّ. وذلك سؤال لطالما تعامل مع النظام السياسيّ الفلسطينيّ عبر سياسات ثلاثة أساسيّة؛ القمع والتصفية، الإقصاء والتهميش، أو الإدماج والاستيعاب للمثقّف وتحويله إلى ناطق رسميّ باسم النظام السياسيّ.

بعد شهرين على اغتياله، وفي الرابع والعشرين من الشهر الحاليّ أيضًا، أُطْلِقَ سراح المعماريّ والمثقّف الفلسطينيّ خلدون بشارة من سجون السلطة، بكفالة لغاية محاكمته بتهمة "إثارة النعرات الطائفيّة والمذهبيّة في فلسطين"، على خلفيّة تظاهره برفقة آخرين ضدّ اغتيال نزار بنات، وضدّ سياسات السلطة القمعيّة والاعتقالات على خلفيّة الرأي. يكتب بشارة، الّذي اعتُقل برفقة الشيخ خضر عدنان، وأحمد نصر، وزكريّا محمّد، ومحمّد عطّار، وفادي قرعان، وأبي العابودي، وعمر عسّاف، وغسّان السعدي، وجهاد عبدو، وأمير سلامة، وحمزة زبيدات، وموسى أبو شرار، ويوسف شرقاوي، يكتب عن ظروف الاعتقال في سجون السلطة: "ظروف الحجز مهينة ومكتظّة لا تقدر عليها الأغنام، وعوقب كلّ نزلاء النظارة بحجب ‘الكانتين‘ والتلفون عنهم؛ لأنّ شباب الحراك مضربون عن الطعام، ممّا خلق ضغوطًا على الشباب لفكّ إضرابهم، ومع ذلك فهم مصرّون على الاستمرار حتّى الإفراج عنهم، وبغضّ النظر عن العقوبات. للشباب المذكورين رسالة: "نحن أبناء تنظيمات... أين التنظيمات ممّا يحدث لنا ولفلسطين؟ لماذا تنظرون بأعين مختلفة للجريمة تبعًا للتصنيف التنظيميّ للأفراد؟ أين أنتم من الشارع؟". في شهادته نفسها على الفيسبوك، يصف بشارة كيف اعتُدي بالضرب والشتم على الشيخ خضر عدنان أمامه، من قِبَل رجل أمن بملابس مدنيّة، بينما الشعور المسيطر والأساسيّ الّذي يُحْكى فيه أنّه، رغم أنّ سياسات القمع هذه قديمة متجدّدة، لكنّها تبدو بعد اغتيال بنات أكثر وحشيّة، وبقدرة أكبر على خلق حالة عامّة من الشعور بالتهديد الشخصيّ والجماعيّ، وتحديدًا للمنشغلين في الثقافة والمثقّفين المعارضين للسلطة، وتلك الحالة من التهديد هي ما تفرض على المنشغلين في الثقافة اليوم أسئلة ملحّة عن موقع الثقافة من الفعل السياسيّ، وعمّا يمكن فعله للتعامل مع واقع سوداويّ كواقع الحرّيّات في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.

توجّهنا في فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة إلى سؤال مجموعة من المثقّفين الفلسطينيّين، والمنشغلين في الثقافة، عن حملة الاعتقالات الأخيرة في الضفّة الغربيّة، وعن واقع الحرّيّات في ظلّ السلطة، ودور المثقّفين في الفعل السياسيّ العامّ، وعن المطلوب فعله؛ مواجهةً للاعتقالات التعسّفيّة وسياسة تكميم الأفواه الّتي تنتهجها السلطة الفلسطينيّة. بينما في المداخلة الأخيرة، يظهر حجم الشعور بالتهديد الشخصيّ والمؤسّساتيّ، الّذي دفع بمدير(ة) إحدى المؤسّسات الثقافيّة العاملة في الضفّة الغربيّة، إلى طلب إدراج تعليقه(ا) تحت صفة «مجهول»؛ خوفًا من التبعات الّتي من الممكن أن تلحق بالمؤسّسة وعملها. لقد تردّدنا في هيئة التحرير إن كنّا سنلبّي هذا الطلب، كونه لا يلتقي مع سياساتنا التحريريّة القائمة على إسماع مختلف الأصوات النقديّة بجرأة ووضوح، لتكون نموذجًا، وتحديدًا في ما يتعلّق بخطاب الحرّيّات والحقوق، إلّا أنّنا قرّرنا في النهاية الإبقاء على هذه المداخلة؛ لتكون مثالًا حيًّا على المرحلة الّتي دخلها الفلسطينيّون تحت حكم السلطة الفلسطينيّة، من خوف على السلامة الشخصيّة والمؤسّساتيّة، لمجرّد ممارسة الحقّ في التعبير، حتّى من قبل مدير(ة) مؤسّسة ثقافيّة فاعلة ووازنة.

 

أتذكّر السادات

أسماء الغول

حين أقرأ الأخبار عن موجة اعتقالات رام الله، تأتي إلى ذاكرتي فترة عهد السادات، الّتي اعتقل فيها أكثر من 1500 شخص من الإسلاميّين، واليساريّين، والأقباط، والصحافيّين، ورجال الدين، والممثّلين والممثّلات، وكان أحدهم محمّد حسنين هيكل، لمجرّد أنّه لا يريد أن يوجّه أحد انتقادًا له على سياساته الخارجيّة والداخليّة، وهكذا يحدث الآن في رام الله. لم يَعُد الأمر أنّها حكومة تحت احتلال إمبرياليّ إسرائيليّ، بل هي حكومة تتحوّل بشكل أو بآخر إلى احتلال، بل تصبح كالأنظمة العربيّة في قمع معارضيها والمخالفين لها، على الرغم من أنّ حراكًا كهذا يعطي الساحتين السياسيّة والاجتماعيّة حيويّة، ويعيد النقاش حول قضايا مهمّة تتعلّق بالحرّيّات، والكتابة، وأهمّيّة التجمّع السلميّ؛ للحفاظ على صوابيّة العقد الاجتماعيّ بين الحاكم والمحكوم، إلّا أنّ فهم ذلك يبدو صعبًا على رجل الأمن، الّذي يتصرّف من منطلق «مَنْ ليس معنا فهو عدوّنا».

أسماء الغول – كاتبة وناشطة في مجال حقوق المرأة والإنسان.

 

الخوف من انتفاضة قادمة

جوني منصور

إنّ القمع الّذي تمارسه السلطة الفلسطينيّة مؤسَّس على منطلقين: الأوّل، التنسيق الأمنيّ وفقًا لقواعد تدريبات «دايتون»، القاضية بعدم التعرّض للجيش الإسرائيليّ وقوّاته، وكذلك عدم التعرّض للمستوطنين. الثاني، منع اندلاع أيّ انتفاضة في الضفّة الغربيّة على وجه الخصوص، أمّا القطاع فمحاصر وواقع تحت سيطرة سلطة «حماس»، وقمعها أيضًا. ما أفرزته عمليّة اغتيال نزار بنات هو تحرّك شعبيّ يأخذ فيه المثقّف دورًا طلائعيًّا في هذه المرّة لأنّه سلميّ. وهنا وجدت السلطة الفلسطينيّة نفسها في مأزق كبير سيؤثّر في وجودها وبقائها؛ إذ إنّ دور المثقّفين، المتشابك مع القواعد الشعبيّة، فيه بوادر لانتفاضة جديدة تتدحرج لتتشكّل قريبًا بصيغتها المتكاملة. فلاستباقها تجري عمليّات قمع ضدّ المثقّفين والحدّ من سقف حرّيّاتهم، وما يمثّلونه من آراء وفكر ثوريّ. إلى جانب ذلك، فإنّ ممارسات الترهيب والقمع قد تحدّ - إلى وقتٍ - من تحرّك الجمهور، لكنّها لن توقف الكرة المتدحرجة نحو أحداث التغيير القادم. وما قامت به السلطة الفلسطينيّة، من عمليّات اعتقال لعدد من كبار المثقّفين الفلسطينيّين في رام الله، لهو دليل على إفلاس كامل لها.

د. جوني منصور – مؤرّخ وتربويّ.

 

أقصى مراحل الأزمة

رولا سرحان

أعتقد أنّ ما تقوم به السلطة حاليًّا؛ من حملة اعتقالات، إنّما يعبّر عن وصولها أقصى مراحل الأزمة، وهذه الأزمة هي أزمة مركّبة؛ أوّلًا لأنّها متعلّقة بمَفْهَمَة «الشرعيّة»، بمعنى كيف يمكن قيادة السلطة الفلسطينيّة إعادة تأطير فقدانها لشرعيّتها في الشارع الفلسطينيّ، الّذي لا يمكن أن تتخطّاها أو تغطّي عليها إلّا بلجوئها إلى الحقّ الّذي تمتلكه وحدها في استخدام «العنف»؛ وفق المفهوم الفيبريّ للعنف المشرعن، باعتبارها الجهة صاحبة الاختصاص في ذلك. ثانيًا، الأزمة مرتبطة بـ «الفراغ السياسيّ»؛ بمعنى أنّ ثمّة حاجة لدى السلطة في إدارة الفراغ السياسيّ، الناجم عن وصول العمليّة السياسيّة والتفاوض نهجًا إلى طريق مسدود، وهو ما قضى على  الأفق أمامها، وبالتالي أفقدها ميزتها الوظيفيّة، وهذا المسار مرتبط مفاهيميًّا أيضًا بأزمة الشرعيّة؛ إذ تستمدّ السلطة شرعيّتها من هذا المسار، الّذي خلق وجودها إثر «اتّفاقيّات أوسلو»، ومن ثَمّ تداعى. ثالثًا، يعبّر ما يجري عن انهيار المنظومة المؤسّساتيّة، وبالتالي الدخول في حالة من التفكّك الوظيفيّ للسلطة، وذلك استنادًا إلى فقدان الثقة بالمؤسّسات الّتي أفرزتها «اتّفاقيّات أوسلو»، وتحديدًا في ما يتعلّق بدور المؤسّسة القضائيّة والأجهزة الأمنيّة، وهو ما يعني أساسًا انهيار معياريّة «العدالة» كقيمة تأسيسيّة للحكم. وعليه، نرى أنّ هذه الأزمة المتشابكة لا يمكن الخروج منها إلّا في حالة واحدة، هي إعادة بناء العلاقة التعاقديّة الفلسطينيّة - الفلسطينيّة، أفقيًّا وعموديًّا؛ ليتمكّن الفلسطينيّ من مواجهة الخطر الأساسيّ الّذي يهدّد وجوده، وهو مواجهة مستعمره الصهيونيّ.

رولا سرحان – كاتبة وشاعرة، رئيسة تحرير صحيفة «الحدث».

 

تحرير الثقافة

عبد الله البيّاري

لا يزال الحدث الفلسطينيّ قادرًا على تأمّل سيرورة الحداثة؛ لأنّ موقع فلسطين في الحداثة الغربيّة، يخضع لتحوّلات الحداثة وأزماتها. ولعلّ الامتحان الأبرز – الّذي كتبت لأجله هذه السطور القليلة – هنا، هو لمقولتين أساسيّتين من مقولات الحداثة، وهما: الدولة والثقافة، وهي المقولات الّتي باتت تقدّم نفسها باعتبارها سرديّة كبرى Grand Narrative، في عصر انهيارات تلك المقولات لصالح مقولات من أسفل إلى أعلى.

فما أسماه فيصل دراج «بؤس الثقافة الفلسطينيّة»، هو في جانب منه صحيح من حيث بؤس الثقافة المؤسّساتيّة، ونعني الدولة، لكنّه أيضًا بؤس الثقافة الحداثيّة بصفتها امتحانًا يوميًّا معيشًا؛ لمواجهة منظومات الظلم والتعسّف عربيًّا وفلسطينيًّا وعالميًّا. ولا فصل هنا بين الدولة والثقافة في الحداثة، بصفة الأخيرة منظومة هيمنة. لكن لا تطابق بينهما أيضًا، بل إنّ الثقافة الحداثيّة تواجه المؤسّسة في مراحل ما بعينها، لكنّها لا تفكّكها. وبالنظر إلى الحالة الفلسطينيّة، وأقتبس عن صديق قوله: "كم واحدًا منكم (المثقّفين الفلسطينيّين) حصل على جائزة موقَّعة باسم الرئيس، ومنحة باسم الرئيس، وتكريم باسم الرئيس؟ وهو مسؤول الأجهزة الأمنيّة؟" وأضيف، التقى الأسد باسم المقاومة وغيرها.

فموقع محمّد زكريا ونقد خطابه، يجب ألّا ينجرّ إلى تبرئة معتقليه (الأمر ذاته ينطبق على نزار بنات)، هنا تصبح المساءلة واجبة لمؤسّسة الدولة وتماهينا معها، من ناحية، الّتي هي بالأساس مقولة حداثيّة، أزّمها انهيار السرديّات الكبرى، وقدرة أجسادنا على الحركة في المكان (الجغرافيا والتاريخ)؛ إذ لم تَعُد الدولة إجابة عن سؤال الوطن والهويّة والحقّ والعدل (الأزمة السوريّة ودول اللجوء الأوروبّيّ نماذج)، ومن ناحية أخرى، فإنّ نقد خطاب المثقّف والثقافة هو تحرير للثقافة بمعناها الأشمل من ادّعاءات التجاوز، والنزول إلى اليوميّ المعيش للمواطن العربيّ مصدرًا للمعرفة الثقافيّة والسياسيّة، الّتي تستطيع أن تفكّك مقولة الثقافة والدولة. ويصبح هذا اليوميّ المعيش مصدرًا للمعرفة، بما يحرّر الثقافة من تجاوزها، فتمتحن مقولات الحرّيّة والحقّ والعدالة والمقاومة وغيرها من هذا الموقع، وليس من عاجيّات عالية تستر أكثر ممّا تكشف، وليس بمواقف لحظيّة من دولة ذات موقع حداثيّ يعادي أشكال التحرّر والعدالة وقيمها.

د. عبد الله البياري – وباحث ومترجم، مدير «مكتبة الأرشيف».

 

الجماعيّة حمايةً للناس

علي مواسي

الخصومة بين المثقّف والنظام الرسميّ الفلسطينيّ خصومة قديمة، لا جديد فيها؛ إنّ كلّ صوت نقديّ أو مختلف عن السائد الّذي يمكن النظام استيعابه، لا بدّ أن يلقى شكلًا من أشكال العقاب، مثلما حصل مع إسماعيل شمّوط وناجي العلي وإدوارد سعيد قديمًا، ومثلما حصل ويحصل في أيّامنا مع عبد الستّار قاسم ونزار بنات، وأخيرًا مع زكريّا محمّد وخلدون بشارة، وغيرهم.

سؤال الحرّيّات والحقوق يجب أن يكون منزوع الاعتبار إزاء الصفة الّتي يتمتّع بها المنتهك حقوقه من جهة سلطةٍ ما؛ هو سؤال حقّ فرد ومواطن بامتياز، وهذه يجب أن تكون الصفة ذات الاعتبار، لدى النظر في المسألة والتعامل معها. عقاب «مثقّف» أو «وزير» أو «مزارع» أو «عامل»... إلخ؛ لآرائه ومواقفه وانتماءاته، السياسيّة وغير السياسيّة، أمر لا يمكن التصالح معه ولا السكوت عنه، وقد تجاوز النظام الرسميّ الفلسطينيّ، وتخومه المؤسّساتيّة والمجتمعيّة، أفي الضفّة الغربيّة كان أم في قطاع غزّة، تجاوز خطوطًا حمراء كثيرة في مسألة انتهاك حقوق الفرد والمواطن المعارض والناقد. ومواجهة هذا لا يمكن أن تكون فرديّة بل جماعيّة. إنّ نماذج من نوع التصدّي لمنع رواية «جريمة في رام الله» لعبّاد يحيى، أو العزل الجماعيّ لمجلس أمناء «متحف محمود درويش»، وكذلك الغَضبة من أجل نزار بنات، هي نماذج جماعيّة يجب أن تتكرّر وتطّرد، هذه الأداة الوحيدة الّتي تتوفّر بين أيدينا لحماية أنفسنا، أفرادًا وشرائح، على قاعدة من التعاضد والتكافل المبدوء بتكثيف التواصل، والبحث عن المشترك القيميّ.

هنا يكون للمثقّف دور مركزيّ، وهو أن يكون واعيًا للمسافة الّتي تفصله عن السلطات ومراكزها، وأن يمارس دورًا احتجاجيًّا ونقديًّا طيلة الوقت تجاهها. ليس الأمر سهلًا بالتأكيد، وقد تكون له أثمان كبيرة، لكنّ سؤال الحرّيّة، الّذي أفترض أنّه السؤال المركزيّ لدى مثقّف العصر، هو الّذي يجب أن يكون محرّكه الرئيسيّ في كلّ أفعاله وتعبيراته.

علي مواسي – شاعر وكاتب، محرّر فُسْحَة - ثقافيّة فلسطينيّة

 

عصابة تدير شعبًا وفق رؤية خارجيّة

أعتقد أنّ ما يحدث في فلسطين، من اعتقالات وقمع وقتل، ليس فرض سياسات؛ فالّذي يفرض السياسة هو سلطة منتخبة تحمل طموحات شعبها وهمومه، وتكون مسؤولة ومُساءَلة من قِبَل الشعب، وفي حال غياب هذا الجانب، يمكن وصف ما يحدث بأنّه محاولة بائسة لفرض سياسة من قِبَل عصابة تمتلك بشكل سطحيّ شكلًا من أشكال السلطة. هذه مجموعة دخيلة جاءت من الخارج منذ خمسة وعشرين عامًا؛ بناءً على إملاءات خارجيّة لإدارة شعب لم يتمكّن الآخرون من كسر إرادته. نحن شعب لا يحتاج إلى هذا الشكل من الحكم والإدارة، بقدر ما نحتاج إلى قيادة ذات رؤية وطنيّة واجتماعيّة وسياسيّة واضحة، وتستعين بنا لتحقيقها. العصابة الحاليّة تحاول إدارة شؤون هذا الشعب ضمن رؤية خارجيّة، وتعتقد أنّها تفرض هذه الرؤية علينا، ونحن سنتبَع وفقط، لكنّنا كنّا هنا قبل قدومهم قبل خمسة وعشرين عامًا، وسنظلّ هنا بعد ذهابهم ومجيء آخرين، سيحاولون هم أيضًا كسر إرادتنا، وقمعنا، وسنظلّ هنا حتّى يتوقّفوا عن المجيء، أو يكسروا إرادة شعب منتشر في جميع أنحاء العالم. ننقسم أحيانًا، نختلف كثيرًا، لكنّ انقسامنا - شعبًا ومجتمعًا - يظلّ سطحيًّا وليس جذريًّا، ويتلاشى عند مشهد مقتل طفلة، أو معاناة عجوز، أو إسكات صوت حرّ.

مجهول(ة) – مدير(ة) إحدى المؤسّسات الثقافيّة العاملة في الضفّة الغربيّة